أزمة ما بعد "كورونا" ستكون قاسية على المغرب.. 5 عوامل تؤكد ذلك!
يسابق المغرب الزمن من أجل تطويق انتشار فيروس كورونا المستجد عبر اتخاذ عدة قرارات صارمة، على رأسها دعوة المواطنين إلى التزام بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة، وهو الأمر الذي أدى إلى تعطيل مجموعة من المؤسسات الرسمية وإيقاف العمل بجل المرافق الاقتصادية، ما يشي بأن المملكة ستواجه مستقبلا تحدٍ اقتصادي جديد.
واستشعر المغرب مسبقا هذا الأمر، ما دفعه إلى اتخاذ مجموعة من القرارات لوقف التأثير الآني لتدابير التصدي للفيروس، على رأسها إحداث صندوق خاص بأمر من الملك محمد السادس، لكن التحدي الأكبر يبقى هو ذاك القادم مستقبلا، نتيجة التأثيرات اللاحقة للوضع الحالي، وأيضا نتيجة ارتباط الاقتصاد المغربي الكبير بمجموعة من البلدان الأكثر تضررا.
سنة جفاف
ويرى نجيب أقصبي، أستاذ الاقتصاد السياسي والخبير الاقتصادي، أن الأزمة المتوقعة لن تكون عابرة وستترك أثرا مستقبليا كبيرا على الاقتصاد الوطني، فإن كانت أزماتها الآنية قد بدأت في الظهور حاليا نتيجة التوقف شبه التام للمؤسسات الاقتصادية، فإن أزماتها اللاحقة ستظهر فيما بعد، وستكون لها تأثيرات على الناتج الداخلي الخام.
وأول معطى ينبه إليه أقصبي هو ارتباط الوضع الحالي بـ"سنة جفاف"، وهو أمر يحدث في المغرب بشكل متكرر "لكن لا يتم أخذ الدروس من التجارب السابقة"، موردا أن هذا الأمر يعني أن العالم القروي سيكون الأكثر تأثُّرا بالأزمة، غير أن ما سيزيد من صعوبة الأمر هو أن تبعات الإجراءات الحالية ستغلق على القرويين المنافذ التي كانوا يلجؤون لها في سنوات الجفاف الماضية.
ووفق الأستاذ الجامعي فإن أهالي القرى كانوا يلجؤون إلى الانتقال إلى المدينة أو إلى المساعدات المادية من أفراد عائلاتهم الموجودين هناك، وكلا الأمرين لن يكونا متاحين هذه المرة بالنظر إلى كون التأثير سيشمل أهالي المدينة أيضا الذين أثرت فيهم الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة انتشار الفيروس.
الارتهان باقتصادات أخرى
لكن الجفاف ليس العامل الوحيد الذي يجعل من التأثير الاقتصادي المستقبلي المتوقع في المغرب تحديا كبيرا، بل أيضا ارتباط الاقتصاد الوطني باقتصادات أخرى عبر العالم، وحول ذلك يقول أقصبي إن المغرب اختار "الانفتاح" لكنه "انفتاح عشوائي وغير مدروس، أدى إلى التبعية المطلقة على كل الأصعدة".
وأضاف الأستاذ الجامعي أن من خصوصيات هذه الأزمة أنها أثرت في كل دول العالم، ومن بين أكثر دول العالم تأثرا نجد فرنسا وإسبانيا والصين التي تأتي في مقدمة الشركاء الاقتصاديين للمغرب، وبالتالي ستبحث هذه الدول عن تعافيها الداخلي وستعيد النظر في العديد من قراراتها الاقتصادية، متوقعا أن تخفض بشكل واضح وارداتها من المغرب.
تضرر السياحة
ومنذ اتخاذ المغرب قرار إغلاق حدوده أمام جميع دول العالم، وخاصة إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، بدأ القطاع السياحي يعاني من الأزمة، وصار من المتوقع أن تشهد البلاد تراجعا في أعداد السياح الأجانب خاصة في حال ما إذا استمرت الأزمة إلى غاية الصيف، علما أن المملكة احتفت لتوها ببلوغها حاجز 13 مليون سائح.
ويرى أقصبي أن المغرب سيتلقى ضررا كبيرا من تأثر القطاع السياحي نتيجة الضرر الذي أصاب العديد من البلدان التي تأتي في مقدمة مُصدري السياح للمملكة، وهو أمر ملموس في الوقت الراهن، لكنه قد يستمر مستقبلا نتيجة التبعات الاقتصادية اللاحقة على مواطني تلك الدول، مضيفا أن هذا الخسارة ستكون كبيرة وستصيب 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
تحويلات مغاربة الخارج
ومن المتوقع أن تؤدي أزمة وباء كورونا التي ضربت العالم إلى تأثير آخر على المواطنين المغاربة، ويتعلق الأمر بتحويلات أفراد الجالية المقيمة بالخارج، وهو الأمر الذي يتوقعه أقصبي استنادا إلى أن أكثر الدول تضررا من الفيروس في أوروبا هي إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وهي الدول التي تضم العدد الأكبر من مغاربة الخارج.
ويعني كلام الخبير الاقتصادي أن هذه التحويلات ستعرف انخفاضا للسنة الثالثة على التوالي، لكنه انخفاض سيكون كبيرا هذه المرة، علما أن الرقم المسجل برسم سنة 2019 حسب مكتب الصرف هو 64,86 مليار درهم، مقابل 64,92 مليار درهم في سنة 2018، وقبلها 65 مليار درهم سنة 2017.
الاستثمارات الأجنبية
وسيكون تراجع الاستثمارات الأجنبية من بين العوامل المتوقعة الأكثر تأثيرا في الاقصاد الوطني، وفق أقصبي، الذي يرى أن الأزمة العالمية ستفرض على العديد من الدول إعادة النظر في استثماراتها الخارجية، بما فيها الدول الأكثر استثمارا في المغرب مثل فرنسا وإسبانيا.
وتوضح الأرقام أن الاستثمارات الخارجية تمثل إحدى أهم ركائز الاقتصاد المغربي، ففي سنة 2018 وحسب معطيات منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الصادرة العام الماضي، بلغ إجمالي قيمة الاستثمار الأجنبي في المغرب 3,6 مليارات دولار، مقابل 2,7 مليارات دولار سنة 2017.